تفتح مؤسساتنا التربوية العمومية أبوابها مجددا اليوم 16 سبتمبر 2024 لاستقبال ما يربو على المليونين ونصف من بناتنا وأبنائنا تلاميذ مراحل التعليم التحضيري والابتدائي والإعدادي والثانوي معلنة بذلك انطلاق السنة الدراسية الجديدة 2024 /2025 التي استهلها قبل ذلك طلبة التعليم العالي بصورة متدرجة زمنيا.
ولئن مثّلت العودة المدرسيّة تاريخيا مناسبة تحتفي بها العائلة التونسية أيما احتفاء مبرهنة بذلك عن تأصل تقديرها للعلم والمعرفة في ثقافتها وتفاصيل حياتها وحرصها على تمكين أطفالها منهما مهما كانت التضحيات المستوجبة إلا أن هذه العودة قد أضحت تمثّل منذ سنوات وخاصة ما بعد 2011 مشغلا يؤرقها ويهدد فعليا قدرتها على تحمل كلفتها وعلى الايفاء بمتطلبات تعليم بناتها وأبنائها لدواع شتى يبدو أنها ستكون أشد ضغطا هذه السنة وفي مقدمتها:
🔹تواصل نفس الخيارات والتوجهات الاقتصادية والاجتماعية والتربوية المعتمدة منذ ارتأت السلطة السياسية المتعاقبة في تونس التوجه نحو التخلي التدريجي عن المرفق العمومي وسلعنة خدماته.
🔹غياب إجراءات إصلاحية عملية وتأخر الإعلان عن نتائج الاستشارة الوطنية حول إصلاح المنظومة التربوية وتعثر مسار الإصلاح برمته.
🔹عدم الاستقرار السياسي والإداري حكوميا وخاصة على رأس وزارة التربية التي تداول على مقاليدها ثلاثة وزراء في ظرف سنة واحدة وهو ما انسحب على مختلف إداراتها ومندوبياتها الجهوية.
🔹ضعف الموارد المالية المرصودة خاصة بالنسبة إلى التجهيز والصيانة واستحداث المؤسسات التربوية الضرورية ما عمق تدهور وضعية بناها التحتية وتقادم تجهيزاتها وفقدان كثير منها.
🔹تواصل وقف الانتدابات واللجوء المكثف إلى أشكال التشغيل الهشة مع انعكاس ذلك على جودة العملية التربوية وعلى أوضاع الدراسة والتدريس معا.
🔹غياب جدية الطرف الحكومي في تفعيل بعض المقترحات التي تقدم بها الائتلاف التربوي التونسي رغم تبنيها سابقا ومصادقة البرلمان عليها (إحداث صندوق تمويل التعليم مثالا). ليبقي هذا المكسب دون تفعيل ودون اصدار القوانين الترتيبية الخاصة به رخم الحاجة الملحة لخدماته.
🔹تقلص مساحات التشاركية سواء مع منظمات المجتمع المدني أو النقابات المهنية او الخبراء التربويين والمهتمين بالشأن التربوي مما جعل الملف التربوي مجمدا وغابت كل منابر الحوار من اجل صياغة مشتركة لسياسات تربوية فعالة تعجل بإخراج المدرسة مما هي فيه.
إنّ الائتلاف التربوي التونسي إذ يحي كافة المربيات والمربين وكافة الاسرة التربوية متمنيا لهم جميعا سنة دراسية موفقة يشدد مرة أخرى على اعتباره شريكا فاعلا وجديا في كل ما يتعلق بالمنظومة التربوية العمومية فإنه يؤكد وجوب الشروع الفعلي والعاجل في مسار إصلاحي جدي وعميق لها لا يقف عند حدود سد ثغراتها الراهنة بل يرتقي إلى مستوى تحويلها بصورة كلية حسب ما تنص عليه الخطة الأممية لتحويل التعليم وهو ما يتطلب تغييرا جذريا في الخيارات والسياسات التربوية المعتمدة وانفتاحا واسعا على كل الكفاءات ومنظمات المجتمع المدني والنقابات المعنية بالشأن التربوي وتشريكها فعليا في مسار النهوض بالمنظومة التربوية مع ضرورة توفير ما يتطلبه ذلك من موارد مالية ضرورية لا بد من تنويع مصادرها وتدقيقها وتجويد طرق تحصيلها.
من أجل مدرسة عمومية مجانية متطورة
من أجل تعليم جيد، دامج، نوعي ومنصف للجميع