الرئيس: الآستاذ محرز الدريسي مستشار عام خبير في الحياة المدرسيّة.
المقرّر: الأستاذ زياد اللطيفي أستاذ تعليم ثانويّ.
المداخلة الأولى: “المجلس الأعلى للتربية في تونس: تجارب الماضي ورهانات الحاضر”.
المتدخّل:الأستاذ مصطفى الشيخ الزوالي.
قدّم في هذا الباب لمحة تاريخيّة لقانون 1888 أو ما سمي بمجلس المعارف العمومي الذي له مهام بيداغوجيّة وتأديبيّة ويتنزل ذلك في إطار التوجه العام آنذاك في فرنسة المدرسة التونسيّة وتفاعل الشخصية التونسيّة مع الخارج.
أما دولة الاستقلال فقد شهدت محاولات إحداث للمجلس الأعلى للتربية مع نحتلف وزراء التربية إلا أن الأستاذ المتدخل أكد على أن السلطة السياسية بتونس ترتهن أمر التعليم على غرار ما وقع بين سنتي 1986 و 1989 وهو ما جعل قطاع التعليم مفتقرا إلى جظه من الاستقرار الضروري الكفيل له بالتحاور على نحو متزن بعيدا عن الاستقطاب متعدد الأوجه.
كما ذكّر في نفس السياق باستنجاد السلطة بالمجلس لاتخاذ قرار مضاعفة ساعات تدريس التربية الاسلاميّة في فترة السبعينات ثم تهميشها في قانون التعليم العام لسنة 1991 وكان كلا القرارين لغايات سياسيّة.
- التحدّيات الكبرى والرهانات المطروحة:
عرفت المداخلة طرح تساؤلات حول التحديات والرهانات الملقاة على المجلس الأعلى للتربية: كيف نواجه مشكلة عدم الاستقرار في قطاع التعليم والاضطراب المتواصل الذي يشهده منذ عقود؟ كيف نقطع مع التوظيف السياسي والنقابي للتعليم؟ كيف نضمن عدم استفراد طرف أو تيار ايديولوجي معيّن بالاصلاح وبمستقبل التعليم؟ وقد وقع التأكيد على ضرورة إيجاد انسجام تام بين الأطراف المتدخلة والنأي بالتعليم عن كل التجاذبات.
أما خارجيّا فقد وقع التساؤل حول كيفيّة التعامل مع التوصيات الدوليّة في المجال التربويّ وكيفيّة التمييز أيضا بين ما يخدم اقتصاد السوق والسلعنة وتلك التي تخدم قيم المواطنة وحقوق الإنسان وإنسانيته.
وختمت المداخلة الأولى بجملة من التوصيات وشملت:
- التعويل على المتقاعدين من الخبراء التونسيين في مختلف المجالات.
- إشراف المجلس على مسار مستدام للنقاش العامّ حول واقع التربية.
- لا بدّ من إصدارات للبحوث التربويّة بوزارة التربية.
المداخلة الثّانية: “المجلس الأعلى للتربية: قراءة تاريخيّة وتصوّرات عمليّة”
المتدخّلة: الأستاذة سهام العوّادي الائتلاف التربوي التونسي.
ذكّرت المتدخلة بتاريخ إحداث مجلس المعارف العمومي لسنة 1888 الذي كان هدفه نشر الثقافة واللغة الفرنسيين وعملت فرنسا من خلاله على إعادة صياغة التركيبة الاجتماعية وتشكيل العقل التونسي حسب الأنموذج الفكري الفرنسي, أما بعد 1956 فقد أعطت الأستاذة من خلال مداخلتها لمحة عن إحداث المجلس الأعلى للتربية القوميّة سنة 1958 والأمر عدد 403 الصادر سنة 1962 المتضمنة تحديد تركيبة المجلس ومشمولاته وبعد فشل تجربة التعاضد وقع إحياء المجلس تجت مسمى جديد “المجلس الأعلى للتربية” سنة 1971 أما سنة 2000 فقد وقع إحياء المجلس الأعلى للتربية وإلغاء المجلس الأعلى للتربية والتعليم العالي بعد أن وقع بعثه زمن عهدة الوزير محمد الهادي خليل في 15 أكتوبر 1988 مع بداية التوجه النيوليبرالي في تونس.
وخلصت المتدخلة إلى أن هذه المجالس ظلت غير مفعلة ورهينة خيارات الحكومات المتعاقبة وتحوّل الشأن التربويّ من خيار وطني استراتيجي إلى مشروع سياسي يلبي احتياجات السلطة وليس احتياجات الدولة والمجتمع.
وفي هذا السياق الراهن لا بد من مجلس أعلى للتربية لما يمثله من ضرورة مجتمعيّة واستجابة لما نادت به منظمات المجتمع المدني وخاصة نقابات التربية وذلك لعدّة اعتبارات أهمها تدهور وضع المدرسة والجامعة التونسية وضرورة إعادة الاعتبار للتربية والتعليم والتكوين المهني والنأي بالتعليم عن التجاذبات مع ضمان الاستمرارية واجتناب الارتجالية والخيارات المسقطة.
وقد أوصت الأستاذة بضرورة إصدار القوانين المنظمة له وتدقيق مهامه وصلاحياته مع إعطائه الاستقلالية المالية والإداريّة على أن تشمل تركيبته شخصيات اعتباريّة تمثل الخبراء وأجهزة الدولة والمنظمات الزطنيّة وجمعيات المجتمع المدني.
أما النقاش فقد سجّل مزيد التعمّق في تاريخيّة المجلس إذ أكد الحضور على أن وزارة التربية قد أضحت في العقدين الأخيرين وزارة تشغيل وأن معضلة التسييس رافقت ملف التعليم سنوات عدة وأن القطع معها يتطلب رؤية توافقية جامعة بطرح وكني شامل لكل الأطراف الوطنيّة وأن المجلس الأعلى للتربية ليس جسما يتم تشكيله وإنما هو ضرورة اجتماعية ملحة حتى يكون هيكلا استراتيجيا مؤسسا لثقافة جديدة تعير شكل المدرسة وعلاقة التلميذ بالمعرفة وبالتالي لا بد من أن يكون حركة تصحيحية لا تنسف الماضي تماما بل تعود إلى التجارب الحاصلة والاستئناس بإيجابياتها والعمل على تلافي سابياتها مع مواكبة التغيرات العالمية على كل الأصعدة, كما أجمع الحاضرون على ضرورة توفر إرادة كاملة للاصلاح مع تقديم مقترح إلى الائتلاف بإقامة ندوات جهويّة تشفع بندوة وطنيّة شاملة.
ثم تمّ بعد ذلك تخصيص ورشتين حواريتين لمناقشة تركيبة المجلس الأعلى للتربية ومهامه والنظر في آليات تحقيقه لغائيات التربية خلصتا إلى:
– أن يتركب المجلس من:
- ممثلين عن الوزارات المتدخلة في الشأن التربوي ( التربية / التعليم العالي / التكوين المهني / الشباب والرياضة / الثقافة / المرأة والطفولة وكبار السنّ / الشؤون الاجتماعية ).
- ممثلين عن المجتمع المدني.
- خبراء دوليين وقانونيين.
- ممثلين عن الهياكل الطلابية.
- ممقلين عن النقابات (اتحاد الشغل / منظمة الأعراف / اتحاد الفلاحين)
- خبراء في عبوم التربية والاجتماع وعلم النفس.
– أما عن الصلاحيات فقد ذهب المتدخلات والمتدخلون إلى أن تكون:
- إبداء الرأي في المشاريع والقوانين والنصوص التنظيمية التي تعرضها رئاسة
- الدولة ورئاسة الحكومة والوزارات المعنية.
- انجاز تقييمات شمولية وقطاعية للسياسات العمومية في مجال التربية.
- إعداد الدراسات والبحوث.
- رسملة التجارب والمبادرات الناجحة وتثمينها.
- تشجيع البحث العلمي وتحفيز الباحثين ومواكلة ما يحدث في العالم من تجارب ومستجدات.
- إقامة شراكات تعاون وطنية ودوليّة.
- إعلام الوزارات ذات الصلة بحاجات التربية في البلاد.
- تجميع البيانات وتحليلها واستلهامها في المساعدة على اتخاذ القرارات.
- تقديم التقارير السنويّة.
-في حين ارتأوا أن تكون مهامه:
- تحديد الرؤية الوطنيّة للتربية والتعليم والبحث العلميّ والتكوين المهني وآفاق التشغيل.
- صياغة رسالة التربية التي يحدد فيها مهام الأطراف المتدخلة في نطاقها.
- ضمان الانسجام والتعاون بين مختلف المتدخلين.
كما دعوا المنتدى التربوي التونسي إلى تدقيق صياغة المسودة القانونية وإثرائها في مستويات الأهداف والتركيبة وشروط التعيين والاختيار.