تبدو الإجابة عن هذا السؤال على قدر وفير من البداهة التي لا تتطلب كثيرا من التفكير إذ من الطبيعي اعتبار الطّالب عنصرا رئيسيا من عناصر العمليّة التعليميّة والتربويّة وهو الأنموذج الذي سيبيّن مدى جودة هذه العمليّة ونجاحها في تأدية أدوارها كما أنه الطاقة التي سيبنى عليها الوطن وخالق ثرواته التي ستحقق تقدّمه وازهاره وتكفل له مسايرة العصر ومواكبة متغيّراته والاندماج في حركته الشاملة.
لكن ما يغيب عن أذهاننا هو تحديد الآليات الكفيلة بتحقيق هذه الإجابة التي تبدو لنا بديهيّة إذ من حقّ الطّالب أن يكون شريكا فاعلا في صياغة كلّ القرارات التي تهمّ حياته الجامعيّة المحدّد الأكبر لمسار حياته الفرديّة ولدوره المجتمعي معا وعلى إيجاد هذه الآليات وتفعيلها يتوقف كلّ شيء ولهذا كانت الحياة الطلابية في تونس حلقات متواصلة من الصراع بين الطلبة من ناحية والسلطة السياسية من ناحية ثانية وهو صراع مداره تمسّكهم بحقّهم في المشاركة في صياغة القرارات وفي تفعيل دورهم صلب محيطهم الجامعي ما جعلهم في صدام دائم مع سلطة سياسيّة كانت تعتبر الشأن الوطني العام شأنا خاصّا بها سواء على مستوى الحياة العامّة أو الحياة الجامعيّة بما تحمله من ميزات مخصوصة ومن هنا لعب الاتحاد العام لطلبة تونس دورا تاريخيا بارزا في الدفاع عن هذا الحق التشاركي سواء بعد الانقلاب الحاصل أثناء مؤتمره الثامن عشر (قربة 1971) وما تعرّضت له عناصره كماعموم الطلبة المناصرين له من حملات تنكيل وقمع ومحاكمات وسجون لم يمنع طلائعهم من مواصلة نضالاتهم ضمن تلك التجربة الفريدة والمتميزة “الهياكل النقابية المؤقتة” التي تواصلت حتى إنجاز مؤتمر الاتحاد الثامن عشر الخارق للعادة سنة 1988 وقد كان من ثمار هذه النضالات أن فرض الطلبة حقّهم وإن جزئيا في المشاركة ضمن بعض الهياكل الجامعيّة سواء في لجان الأحياء أو في المجالس العلميّة للكلّيات لكنّها تبقى دوما مشاركة جزئية ذات مردودية نسبية لم ترتق بعد إلى مستوى فرض شراكة فعليّة على مستوى اتخاذ القرارات الجامعيّة وتسيير مرافقها وضبط خياراتها وتوجهاتها خاصة في ظلّ حالة التشتت والتشرذم المتعلقة بالتمثيلية الطلابية خصوصا بعد التعددية النقابية التي لم تؤد إلا إلى إضعاف الثقل الطلابي وانعكاس ذلك على الواقع وظروف العيش والدراسة في المؤسسات والأحياء الجامعيّة ولهذا يبقى المجال الأجدى هو مراعاة هذا العامل ضمن تركيبة المجلس الأعلى للتربية المزمع إرساؤه بعد دسترته سنة 2022 حيث لا بدّ أن يحظى الطلبة بتواجدهم صلبه حتى يكون آلية من آليات مشاركتهم في صياغة التصورات واتخاذ القرارات في كل ما يهمّ الشأن الجامعي