بـــــــــــــــــيــــــــان: لنعمل معا من أجل فضاء تربويّ آمن

يحي الائتلاف التربوي التونسي انطلاقا من يوم الإثنين 28 أفريل 2025 أسبوع العمل العالمي للتّعليم وهو أسبوع دأبت الحملتان العربية والعالمية للتعليم على الاحتفاء به سنويّا لمزيد تسليط الأضواء على إحدى قضايا التعليم الحارقة وقد تمّ الاختيار هذا العام على قضية التعليم زمن الطوارئ ورفع شعارا له “لأن التعليم هو الحياة فلنحم التعليم في حالات الطوارئ”.

لقد تزامن اختيار هذا الملفّ مع استفحال حالات انعدام الاستقرار التي تعاني منها عديد الدول لدواع عدّة لعلّ أهمّها على الإطلاق معضلة الحروب وما استتبعته من نتائج كارثيّة دمّرت بنية المؤسسات التعليميّة التحتيّة وأوقفت سير العملية التربوية برمّتها وأودت بحيوات الآلاف من المتعلّمات والمتعلّمين والمدرّسات والمدرّسين ودفعت من بقي منهم على قيد الحياة إلى النّزوح عن مواطنهم الأصليّة أو الهجرة منها بحثا عن أبسط أسباب الحياة دون التغافل طبعا عن آلاف آخرين انضموا إلى قوافل ذوي الإعاقة أو تتطلّب إصاباتهم مراحل علاج دقيقة وطويلة ومكلفة لا تتيسر لديهم أسبابها ولعلّ ما يتعرّض له الشعب الفلسطيني في قطاع غزّة وباقي الأراضي الفلسطينيّة المحتلة من عدوان همجيّ أنموذج صارخ ناطق بمأساة أجيال من بناته وبنيه لا يتهدّدهم خطر الموت فحسب بل كذلك خطر التجهيل والحرمان الشامل من حق التعلّم سبيلهم الوحيد للخروج من واقع الفقر والمرض والتهميش الذي يعانونه في ظل الاستعمار الاستيطاني الصهيوني البغيض وهو ما ينسحب تقريبا وإن بنسب متفاوتة على جنوب لبنان وعلى سوريا واليمن والسودان شمالا وجنوبا وغير ذلك من مناطق الحروب والنزاعات.

لكن ما يجب التنبّه إليه أن مشاكل التعليم ومعضلاته ليست حكرا على هذه الدول التي تعاني ويلات الحروب فحسب بل هي ميزة أضحت ملازمة لأغلب دول الجنوب التي ترزح تحت نير سياسات نيوليبرالية متوحشة أضحت المرافق العمومية وعلى رأسها مرفق التعليم آخر اهتماماتها فشحّ إنفاقها عليه وانعدمت رعايتها له ووضعه كأولويّة من أولويّاتها الاستراتيجيّة وضعفت مردوديته وتصاعدت نسب الانقطاع عنه وتهاوت  بناه التحتية نتيجة سياسة التهميش واستشراء الفساد وانعدام صيانتها وتعهدها ومثاله ما حدث مؤخرا بمدينة المزونة  وأزهقت نتيجته أرواح ثلاثة تلاميذ بالإضافة إلى عدد من الجرحى وضحايا الصدمة النفسية القاسية.

إنّ ما حدث بالمزونة ليس مجرّد حدث عابر بل هو خطر يتهدّد أغلبيّة المؤسسات التربويّة في تونس التي تبقى عرضة إلى تكرار هذا الحادث المأسوي ما لم تبادر السلطات إلى اتخاذ مجموعة من الإجراءات على المديين القريب والمتوسط من شأنها توفير بيئة تعليمية آمنة تضمن حقّ بناتنا وأبنائنا في التعليم جنبا إلى جنب ضمان حقهم في الحياة وأهمّها:

  • مراجعة الخارطة المدرسية وضبط روزنامة تدخلات عاجلة لصيانة المؤسسات المتداعية حسب أولويّة التدخّل وليس حسب حظوة بعض الجهات دون أخرى.
  • رصد الإمكانيات المالية المستوجبة حتى وإن تطلّب الأمر رصد ميزانية استثنائية لفائدة المرفق التربوي العمومي.
  • تفعيل مشروع صندوق تمويل التعليم والإصلاح التربوي الذي تضمنه قانون المالية لسنة 2024 وكان ثمرة حملة اطلقها الائتلاف التربوي التونسي من اجل الترفيع في الانفاق علي التعليم   دعم خلالها المبادرة التشريعية القاضية بإحداث هذا الصندوق .
  • القيام بحملات تحسيسية وتعبوية تلفت أنظار الرأي العام إلى المخاطر المحدقة بسلامة التلاميذ الجسدية ومستقبلهم التربوي والحياتي.
  • تغيير السياسات المعتمدة راهنا تغييرا جذريا والقطع مع التهميش الممنهج الذي يتعرض له المرفق التعليمي العمومي وتحويل المؤسسات التربوية إلى فضاءات آمنة تحمي الحق في الحياة وتوفر سبل تعليم راق ورائق مكفول للجميع مدى الحياة.

رئيس الائتلاف التربوي التونسي

كمال الميساوي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top