بيان إحياء الائتلاف التربوي التونسي لأسبوع العمل العالمي للتعليم

إحياء الائتلاف التربوي التونسي لأسبوع العمل العالمي للتعليم

الاستثمار في عالم عادل … انهاء الاستعمار في التعليم الان

دأب الائتلاف التربوي التونسي على إحياء أسبوع العمل العالمي للتعليم(1)  وهي تظاهرة عالميّة سنويّة ستقام فعالياتها هذا العامّ خلال الفترة المتراوحة بين 29 ماي / 2 جوان 2023 لتكون مناسبة ستنكبّ فيها جهود أعضاء الحملة العالميّة للتّعليم (2) والحملة العربية للتعليم(3) وكلّ الأطراف المهتمّة بالشأن التّربويّ والتّعليميّ على تسليط الأضواء على واحد من أهمّ مجالات ” برنامج التّعليم للجميع” وهو مجال التّمويل وسيتمّ لهذا الغرض تنظيم حملات متنوّعة والقيام بدعوات وتظاهرات حوله غايتها الأساسيّة تجسيد التّغيير المنشود وتكريسه واقعا فعليّا والعمل على كسب تأييد ملايين النّشطاء والرأي العامّ المواطنيّ في شتّى أرجاء العالم الذين تجمعهم نفس القضيّة قضيّة تحقيق التّعليم الجيّد والمنصف والمتاح للجميع مدى الحياة كما نص على ذلك الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة 2030(4)على قاعدة الإنصاف والعدالة دون أدنى إقصاء أو تمييز وفي هذا الإطار سيكون المجال الذي اختارته الحملة العالميّة للتّعليم بتفويض من الجمعيّة العامّة للأمم المتّحدة إثر انعقاد القمّة العالميّة لتحويل التّعليم (5) الملتئمة أشغالها خلال شهر سبتمبر 2022 وجعلته محورا للأسبوع العالمي للتّعليم GAWE 2023 هو “إنهاء الاستعمار في التّعليم”.  

ويأتي اختيار هذا المحور بناء على ما يشهده العالم من كوارث طبيعيّة وحروب وآفات وجوائح (الحروب الأهليّة في إفريقيا وآسيا خاصة / الكوارث الطّبيعيّة / جائحة الكوفيد 19 / الحرب الروسيّة الأوكرانيّة والاحتلال  الصهيوني في فلسطين والحرب في اليمن والعراق وسورية  …) ومن اختلال في مناويل التنمية وتفاوت رهيب على مستوى اقتصاديات بلدان العالم وهي عوامل أسهمت بصورة جذريّة في معاناة مزمنة للأنظمة التعليميّة بأغلب بلدان العالم ومن بينها تونس التي تعاني منظومتها التّربويّة من شحّ رهيب في الاعتمادات الماليّة الضروريّة لها وحوّلت التّعليم من معطى استراتيجيّ رئيسيّ إلى مشغل ثانوي مقارنة ببقيّة المشاغل (خاصّة المشغل الأمني والعسكريّ) وضربت بالتّالي واحدا من أهمّ حقوق الإنسان الكونيّة التي تنصّ عليها كلّ العهود والصكوك والمواثيق والاتفاقيات الدوليّة والتشريعات والقوانين الوطنيّة (العهد العالمي لحقوق الإنسان/ العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصاديّة والاجتماعيّة / الدستور/ مجلّة الطّفل…) ما أدّى إلى المساس بجودة التّعليم من ناحية وإلى حرمان ملايين الأطفال من حقّهم فيه.

لقد أضحى من الضّروريّ أن تعمل تونس على غرار كلّ الدّول المعنيّة على بذل مزيد من الجهود من أجل تفادي هذه الوضعيّة وإعادة الاعتبار إلى مرفق التّعليم ضمن أولويّاتها الاستراتيجيّة ومخطّطاتها التنمويّة وموازانتها الماليّة ما يقتضي بالضّرورة رصد أكثر ما يمكن من اعتمادات ماليّة مخصّصة له (ما بين 4 إلى 6 % من الناتج المحلّي الخامّ أو 15 إلى 20 % من ميزانياتها العموميّة) والبحث عن موارد كفيلة بتوفير هذا المستوى من المخصّصات الأمر الذي لن يتحقّق إلاّ على نطاق مستويين رئيسيّين يهمّ أولهما الإجراءات الوطنيّة فيما يتعلّق الثّاني بعلاقتها بالأطراف الخارجيّة وخاصّة الجهات المقرضة والمانحة المتعاملة معها

 وعلى هذا الأساس يضحي من المؤكّد اتخاذ إجراءات ضروريّة وعاجلة يمكن حصر أبرزها في:

  • على المستوى الدّاخليّ:
  • تخصيص نسب مناسبة من الناتج المحلّي الإجمالي وميزانيّة الدّولة لفائدة التعليم وإعتماد سياسة جبائيّة عادلة وشاملة مع القيام بإصلاحات ضريبيّة تصاعديّة في علاقة بالثّروات ومقاومة كلّ مظاهر التّهرّب الضّريبيّ أو التّحايل عليه.
  • النّظر مجدّدا في ما يخصّ عدالة الدّيون الخارجيّة سواء بإعادة جدولتها أو إلغاء الكريهة منها شأنها شأن تلك التي ترزح تحتها البلدان التي تنفق على خدمة الدّيون أكثر ممّا تنفقه على تمويل التّعليم.
  • إنهاء سياسات التّقشّف لا سيّما في جانبها المتعلّق بفرض قيود على الميزانيّة العموميّة تخصّ ايقاف انتداب الموارد البشريّة الضروريّة  وخفض كتلة أجورالعاملين في المجال التعليميّ وعلى رأسهم المدرّسات والمدرّسين وحرمانهم من حقوقهم وامتيازاتهم مقابل تكثيف اللجوء إلى شتّى أشكال التّشغيل الهشّة.
  • على المستوى الخارجيّ:
  • العمل على تغيير موازين القوى وديناميكيّتها بين الحكومة والمانحين الدوليين والمؤسسات المالية المقرضة إذ تكمن أكبر عوائق تطوير تمويل التعليم في طبيعة الأنظمة المالية الدولية التي تديم علاقة الهيمنة والسيطرة الاستعمارية سواء ما تعلّق منها بالهبات أو الإعانات المشروطة أو القروض الموجّهة والمقيّدة لسبل استثمارها وكذلك طبيعة الخيارات الاقتصاديّة والاجتماعيّة والسياسيّة النيوليبراليّة المعتمدة والقائمة على الحيف الاجتماعيّ العميق والتفاوت الطبقيّ الفادح.

ولذا يجب أن تستجيب مشاركة الائتلاف التّربويّ التّونسيّ بشكل استراتيجي إلى المخاطر والفجوات والتهديدات المختلفة بحيث تتم معالجة الجوانب المتعدّدة التي يتعرض فيها تمويل التعليم إلى الخطر ويؤكّد الحاجة الضروريّة إلى العمل على إنهاء الاستعمار فيه وهي عملية معقدة ومستمرة تتطلب المشاركة النشطة وإشراك كلّ فئات المجتمع ومنظّماته الإنسانيّة والاجتماعيّة والتّربويّة المدنيّة في هذا المسار خاصّة في ضوء تزايد الخوصصة والتسويق التجاري والتسليع في التعليم  الذي أصبحت منظومته التّربويّة العموميّة غير منصفة بشكل متزايد مما عمّق الإقصاء الاقتصادي الأوسع وهدد التقدم نحو توفير التعليم العموميّ المجاني الجيد للجميع وتم إلقاء كلفة تمويله على كواهل الأسرة والأولياء وهذه هي الطريقة الأكثر رجعية في تمويل التعليم لأنها تستثني من لا يستطيعون تحمله مما يؤدي إلى انتهاك حقوق الإنسان ومزيد تفاقم الحيف الاجتماعيّ واحتداد مظاهره.

لقد تزامن إحياء الائتلاف التربوي التونسي الأسبوع العالمي للتعليم هذه السنة مع اطلاقه منذ بداية سنة 2023 لـ “حملة تمويل التعليم” التي ستتواصل حتى نهاية العام وقد طرح فيها جملة من المقترحات من أجل الترفيع في الإنفاق على التعليم لذلك سيخصص البرنامج الذي أعده الائتلاف لإحياء هذا الاسبوع من أجل المطالبة بـ :

  • التزام الدولة بتخصيص نسبة مناسبة من الناتج المحلي الإجمالي ومن ميزانيتها الحكوميّة من خلال سنّ إصلاحات ضريبية طموحة وتصاعدية وعادلة إلى جانب مصادر تمويل أخرى مناسبة وعمليّة تحقّق العدالة الاجتماعيّة وتقضي على كلّ مظاهر الحيف الاقتصاديّ.
  • توفير التمويل الكافي لدعم أهداف التنمية المستدامة طويلة الأجل ورفض  الشروط التي تتطلب خفض الإنفاق على التعليم كشرط أساسي للحصول على تمويل جديد.
  • رفض إملاءات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والمؤسسات المالية الدولية الأخرى القائمة على تدابير التقشف والتوصيات والعقبات مثل تجميد كتلة الأجور في الوظيفة العموميّة والعمل على التخفيض منها مع منع زيادة مرتّبات المدرّسات والمدرّسين  والكفّ عن الانتداب واللجوء المكثّف إلى أشكال التشغيل الهشّة بشتى ضروبها.
  • توعية الشباب والطلاب بأن الاستعمار الذي حدث وما زال متواصلا كان ولا يزال يؤثر في عدم المساواة في التعليم على مستوى العالم وحثهم على المساهمة في حملات تمويل التعليم ودعم كلّ المبادرات التي تنهي الاستعمار في مجال التعليم.
  • تعزيز الحق في النّفاذ إلى المعلومة والحصول عليها مع إنشاء موارد وأدوات لمساعدة الهيئات ومنظمات المجتمع المدني التربوي على فهم نظام تمويل التعليم ومساءلة صانعي القرار عن كيفية تخصيص الأموال وأوجه التّصرّف فيها.
  • قيام المجلس الآعلى للتربية بدوره الرقابي على صيغ الحصول على القروض والهبات وطرق توظيفها وحوكمة إنفاقها.

إن بناء منظومة تعليمية وطنية من شانها ضمان تعليم نوعي وجيد ومنصف للجميع مدي الحياة  منظومة متطورة متجددة تستثمر في المعرفة وتنتجها لا يمكن ان يتحقق الا بتحرير جهود الإصلاح من المكبلات والقيود المفروضة عليه بسبب رهن هذا الإصلاح للتمويلات والقروض القادمة من دوائر تريد أن تأبد احتكارها للمعرفة وتبعية الدول الفقيرة لها معرفيا وتكنولوجيا نحو  تبعية اقتصادية بما يعني التفريط في القرار السيادي لهذه الدول  لذلك يبدأ المشروع الوطني للإصلاح حتما عبر ضمان اقصي ما يمكن من الموارد الوطنية تأمن عملية الإصلاح من كل وصاية او تدخل او إملاءات .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top